أعراض السكر عند الأطفال 8 علامات لا تتجاهلها

اكتب واربح

أعراض السكر عند الأطفال: 8 علامات تحذيرية لا تتجاهلها أبدًا

يعد مرض السكري من الأمراض المزمنة التي قد تصيب الأطفال، ورغم أن النوع الأول هو الأكثر شيوعًا في هذه الفئة العمرية، فإن النوع الثاني آخذ في الازدياد بشكل مقلق بسبب التغيرات في أنماط الحياة. إن اكتشاف أعراض السكر عند الأطفال في مراحل مبكرة يلعب دورًا حاسمًا في تجنب المضاعفات الخطيرة وضمان حصول الطفل على الرعاية المناسبة. تجاهل هذه العلامات قد يؤدي إلى تدهور صحة الطفل بشكل سريع. في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل 8 علامات رئيسية تشير إلى احتمالية إصابة طفلك بمرض السكري، ونؤكد على أهمية عدم إغفالها والتوجه الفوري للطبيب.

فهم مرض السكري لدى الأطفال: نظرة عامة

قبل الغوص في الأعراض، من المهم أن نفهم بإيجاز ما هو مرض السكري وكيف يؤثر على الأطفال. يعجز الجسم في حالة السكري عن إنتاج كمية كافية من هرمون الأنسولين، أو لا يستطيع استخدام الأنسولين الذي ينتجه بفعالية. الأنسولين هو هرمون ضروري يسمح للجلوكوز (السكر) الموجود في الدم بالدخول إلى خلايا الجسم لاستخدامه كطاقة. عندما لا يعمل الأنسولين بشكل صحيح، يتراكم الجلوكوز في الدم، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم ومجموعة من المشاكل الصحية.

  • النوع الأول من السكري: هو الأكثر شيوعًا عند الأطفال، وهو مرض مناعي ذاتي حيث يهاجم الجهاز المناعي للجسم الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس ويدمرها. يحتاج الأطفال المصابون بالنوع الأول إلى حقن الأنسولين يوميًا للبقاء على قيد الحياة.

  • النوع الثاني من السكري: كان يُعرف سابقًا بسكري البالغين، ولكنه أصبح أكثر شيوعًا عند الأطفال والمراهقين بسبب ارتفاع معدلات السمنة وقلة النشاط البدني. في هذا النوع، لا يستجيب الجسم للأنسولين بشكل فعال (مقاومة الأنسولين)، وقد لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الأنسولين أيضًا.

الآن، دعنا نتعمق في العلامات التحذيرية التي يجب على كل ولي أمر الانتباه إليها.

1. العطش الشديد وكثرة التبول (البوال والعطاش)

تعتبر هاتان العلامتان من أبرز وأوائل أعراض السكر عند الأطفال.

  • العطش الشديد (Polydipsia): قد تلاحظ أن طفلك يطلب الماء أو السوائل الأخرى بشكل متكرر أكثر من المعتاد، ويبدو أنه لا يرتوي أبدًا. هذا العطش المفرط هو استجابة الجسم لمحاولة تخفيف تركيز السكر المرتفع في الدم.

  • كثرة التبول (Polyuria): نتيجة لارتفاع مستويات السكر في الدم، تحاول الكلى التخلص من الجلوكوز الزائد عن طريق البول. هذا يؤدي إلى زيادة كمية البول وبالتالي زيادة عدد مرات التبول. قد تلاحظ أن طفلك يذهب إلى الحمام بشكل متكرر، حتى أثناء الليل (التبول الليلي أو سلس البول الليلي)، حتى لو كان قد تجاوز مرحلة التبول اللاإرادي سابقًا. في الأطفال الأصغر سنًا الذين ما زالوا يرتدون الحفاضات، قد تلاحظ أن الحفاضات ممتلئة بشكل غير عادي أو تحتاج إلى تغييرها بوتيرة أسرع.

لماذا يحدث هذا؟ عندما يكون مستوى السكر في الدم مرتفعًا، تعمل الكلى بجهد أكبر لتصفيته. عندما يتجاوز السكر حدًا معينًا، يبدأ في التسرب إلى البول، ساحبًا معه كميات كبيرة من الماء من الجسم، مما يؤدي إلى الجفاف وزيادة العطش.

2. فقدان الوزن غير المبرر

على الرغم من أن الطفل قد يأكل بشكل طبيعي أو حتى أكثر من المعتاد (كما سنرى في النقطة التالية)، قد تلاحظ انخفاضًا ملحوظًا في وزنه دون سبب واضح.

  • آلية فقدان الوزن: عندما لا يتمكن الجسم من استخدام الجلوكوز للحصول على الطاقة بسبب نقص الأنسولين أو مقاومته، يبدأ في تكسير الدهون والعضلات للحصول على الوقود اللازم. هذا يؤدي إلى فقدان كتلة الجسم وبالتالي فقدان الوزن.

  • مؤشر مقلق: إذا كان طفلك يفقد وزنه بسرعة دون أن يكون مريضًا بمرض آخر واضح أو يتبع نظامًا غذائيًا لإنقاص الوزن، فهذه علامة حمراء تستدعي الانتباه الفوري.

يجب عدم تجاهل فقدان الوزن المفاجئ، خاصة إذا كان مصحوبًا بأعراض أخرى مذكورة هنا.

3. الجوع المفرط والمستمر (Polyphagia)

قد يبدو الأمر متناقضًا مع فقدان الوزن، لكن الجوع الشديد هو أيضًا من أعراض السكر عند الأطفال الشائعة.

  • السبب: نظرًا لأن خلايا الجسم لا تحصل على الجلوكوز الذي تحتاجه للطاقة بسبب مشكلة الأنسولين، فإنها ترسل إشارات إلى الدماغ بأنها "جائعة". هذا يؤدي إلى شعور الطفل بالجوع الشديد حتى بعد تناول وجبة الطعام. قد يطلب طفلك الطعام بشكل متكرر ويبدو أنه لا يشبع أبدًا.

  • الحلقة المفرغة: على الرغم من تناول المزيد من الطعام، لا يتم استخدام الجلوكوز الناتج بشكل فعال، مما يؤدي إلى استمرار ارتفاع السكر في الدم واستمرار الشعور بالجوع، وفي نفس الوقت قد يستمر فقدان الوزن لأن الجسم يستهلك مخزونه من الدهون والعضلات.

4. الإرهاق والتعب الشديد

إذا كان طفلك يبدو متعبًا وخاملًا بشكل غير عادي، ويفتقر إلى الطاقة للقيام بالأنشطة اليومية التي كان يستمتع بها سابقًا، فقد يكون ذلك علامة على مرض السكري.

  • نقص الطاقة: عندما لا تستطيع خلايا الجسم الحصول على الجلوكوز اللازم لإنتاج الطاقة، يشعر الجسم بالإرهاق. هذا التعب لا يتحسن عادةً حتى مع الحصول على قسط كافٍ من النوم.

  • تأثيره على الحياة اليومية: قد يؤثر هذا الإرهاق على أداء الطفل في المدرسة، وقدرته على التركيز، ومشاركته في الألعاب والأنشطة الرياضية. قد يفضل النوم لفترات أطول أو يبدو أقل حيوية ونشاطًا بشكل عام.

هذا التعب يختلف عن الإرهاق العادي بعد يوم طويل من اللعب؛ إنه شعور مستمر بالضعف والخمول.

5. تغيرات في الرؤية (ضبابية الرؤية)

يمكن أن يؤثر ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مباشر على العينين.

  • الآلية: يمكن أن يتسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم في سحب السوائل من أنسجة الجسم، بما في ذلك عدسة العين. هذا يمكن أن يؤثر على قدرة العدسة على التركيز، مما يؤدي إلى رؤية ضبابية أو غير واضحة.

  • ملاحظة الطفل: قد يشتكي طفلك من عدم قدرته على الرؤية بوضوح، أو قد تلاحظ أنه يقرب الأشياء من عينيه ليراها، أو يجلس أقرب إلى التلفزيون. قد يكون هذا العرض مؤقتًا ويتحسن مع استقرار مستويات السكر في الدم بعد بدء العلاج.

من المهم عدم إهمال أي شكوى تتعلق بالرؤية لدى الأطفال والتحقق منها طبيًا.

6. بطء التئام الجروح والالتهابات المتكررة

يؤثر مرض السكري على قدرة الجسم على الشفاء ومكافحة العدوى.

  • بطء التئام الجروح: يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى إضعاف الدورة الدموية وتلف الأعصاب، مما يجعل من الصعب على الجسم إصلاح الجروح والخدوش البسيطة. قد تلاحظ أن الجروح تستغرق وقتًا أطول من المعتاد للشفاء.

  • الالتهابات المتكررة: يوفر ارتفاع السكر في الدم بيئة مثالية لنمو البكتيريا والفطريات. لذلك، قد يكون الأطفال المصابون بالسكري أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الجلد (مثل الدمامل)، والتهابات المسالك البولية، والالتهابات الفطرية (مثل القلاع الفموي أو التهابات الحفاض الفطرية العنيدة).

إذا كان طفلك يعاني من جروح لا تلتئم بسرعة أو يصاب بالتهابات بشكل متكرر، فاستشر الطبيب.

7. رائحة الفم الشبيهة بالفاكهة أو الأسيتون

هذه علامة خطيرة جدًا وتشير إلى حالة طارئة تسمى الحماض الكيتوني السكري (DKA).

  • السبب: عندما لا يتمكن الجسم من استخدام الجلوكوز للطاقة، يبدأ في تكسير الدهون بسرعة كبيرة. تنتج هذه العملية الثانوية مواد كيميائية تسمى الكيتونات. عندما تتراكم الكيتونات في الدم، تجعله حمضيًا، ويمكن أن يكون لها رائحة مميزة.

  • الرائحة: قد تكون رائحة نفس الطفل شبيهة برائحة الفاكهة المتعفنة، أو طلاء الأظافر (الأسيتون).

  • أعراض مصاحبة للحماض الكيتوني: بالإضافة إلى رائحة الفم، قد تشمل أعراض الحماض الكيتوني السكري الغثيان، والقيء، وآلام البطن، والتنفس السريع والعميق، والارتباك، والنعاس الشديد، وقد تصل إلى فقدان الوعي.

الحماض الكيتوني السكري حالة طبية طارئة تتطلب علاجًا فوريًا في المستشفى. إذا لاحظت هذه الرائحة مع أي من الأعراض الأخرى، توجه إلى أقرب قسم طوارئ.

8. التهيج وتقلب المزاج

التغيرات في مستويات السكر في الدم يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مزاج وسلوك الطفل.

  • السبب: يمكن أن يؤدي ارتفاع أو انخفاض مستويات السكر في الدم إلى شعور الطفل بالضيق وعدم الراحة. كما أن الشعور المستمر بالجوع والعطش والتعب يساهم في تقلب المزاج.

  • المظاهر: قد يصبح طفلك سريع الانفعال، أو يبكي بسهولة، أو يبدو متوترًا أو قلقًا أكثر من المعتاد. قد تلاحظ تغيرات سلوكية مفاجئة لا يمكن تفسيرها بأسباب أخرى واضحة.

بالطبع، جميع الأطفال يمرون بتقلبات مزاجية، ولكن إذا كان التهيج مستمرًا أو شديدًا ومصحوبًا بأعراض أخرى من هذه القائمة، فقد يكون مرتبطًا بمرض السكري.

متى يجب زيارة الطبيب؟

إذا لاحظت أيًا من هذه العلامات الثمانية على طفلك، وخاصة إذا ظهرت عدة أعراض معًا، فمن الضروري جدًا تحديد موعد مع طبيب الأطفال في أقرب وقت ممكن. لا تحاول تشخيص الحالة بنفسك أو تأجيل الزيارة.

سيقوم الطبيب بإجراء فحص جسدي، وسؤالك عن الأعراض والتاريخ الصحي للطفل، وقد يطلب إجراء اختبارات دم بسيطة لقياس مستوى السكر في الدم. يمكن أن تشمل هذه الاختبارات:

  • اختبار سكر الدم العشوائي: يقيس مستوى السكر في الدم في أي وقت من اليوم.

  • اختبار سكر الدم الصائم: يقيس مستوى السكر في الدم بعد صيام لمدة 8 ساعات على الأقل.

  • اختبار الهيموجلوبين السكري (A1c): يعطي متوسط مستوى السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

أهمية التشخيص المبكر والعلاج

إن التشخيص المبكر لمرض السكري عند الأطفال له فوائد جمة:

  1. تجنب المضاعفات الحادة: مثل الحماض الكيتوني السكري (DKA)، الذي يمكن أن يكون مهددًا للحياة إذا لم يتم علاجه بسرعة.

  2. بدء العلاج فورًا: سواء كان ذلك بحقن الأنسولين للنوع الأول، أو بتغييرات نمط الحياة والأدوية للنوع الثاني، فإن بدء العلاج يساعد على التحكم في مستويات السكر في الدم.

  3. تقليل مخاطر المضاعفات طويلة الأمد: التحكم الجيد في مرض السكري منذ البداية يساعد في حماية الطفل من المضاعفات المستقبلية التي يمكن أن تؤثر على العينين، والكلى، والأعصاب، والقلب.

  4. تثقيف الأسرة والطفل: يوفر التشخيص فرصة لتعليم الأسرة والطفل (حسب عمره) كيفية إدارة المرض، بما في ذلك مراقبة نسبة السكر في الدم، وتناول الأدوية، واتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة.

كلمة أخيرة للأهل

قد يكون اكتشاف إصابة طفلك بمرض السكري أمرًا مربكًا ومقلقًا، ولكن تذكر أنك لست وحدك. مع التشخيص الصحيح، والعلاج المناسب، والدعم الكافي، يمكن للأطفال المصابين بالسكري أن يعيشوا حياة طبيعية وصحية ونشيطة.

إن دورك كولي أمر حيوي في مراقبة صحة طفلك. كن واعيًا بهذه العلامات الثمانية، ولا تتردد في طلب المشورة الطبية إذا ساورك أي قلق. الكشف المبكر هو مفتاح الإدارة الناجحة لمرض السكري عند الأطفال وضمان مستقبل صحي لهم. صحة أطفالنا هي أثمن ما نملك، والانتباه إلى هذه الإشارات هو خطوة أساسية نحو رعايتهم وحمايتهم.

استمتعت بهذه المقالة؟ ابق على اطلاع من خلال الانضمام إلى نشرتنا الإخبارية!

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لنشر تعليق.

مقالات ذات صلة