قانون الإيجار القديم في مصر

قانون الإيجار القديم في مصر: تحليل شامل للقانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ وتأثيراته المستقبلية

 

 

١. المقدمة: أزمة الإيجار القديم في مصر وسياق الإصلاح التشريعي

 

شكلت العلاقة الإيجارية في مصر على مدار عقود طويلة إحدى أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية، محكومة بسلسلة معقدة من التشريعات الاستثنائية التي أدت إلى تجميد شبه كامل لسوق الإيجارات. هذه الأزمة، المعروفة بـ"قانون الإيجار القديم"، خلقت تشوهات عميقة في سوق العقارات، وأثرت على حقوق كل من الملاك والمستأجرين، مما استدعى تدخلاً تشريعياً حاسماً.

 

لمحة تاريخية: قرن من التشريعات الاستثنائية في العلاقة الإيجارية

 

شهد السوق العقاري المصري منذ عام ١٩٢٠ تطوراً تشريعياً فريداً، حيث انتقل من خضوعه للقانون المدني إلى سلسلة من القوانين الاستثنائية، ثم عاد جزئياً إلى القانون المدني عام ١٩٩٦، وصولاً إلى القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥. هذا التاريخ الطويل من التدخل التشريعي يعكس تحدياً مجتمعياً واقتصادياً مستمراً. يظهر التطور التاريخي للقوانين الإيجارية في مصر نمطاً متكرراً من التدخل الحكومي، خاصة في أوقات الأزمات الكبرى كالحربين العالميتين الأولى والثانية، وفترة ما بعد ثورة ١٩٥٢. هذا التوجه يشير إلى إيمان راسخ بدور الدولة في التحكم بتكاليف السكن وحماية المستأجرين، حتى لو كان ذلك على حساب حقوق الملكية. القانون الجديد رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ يُعد استمراراً لهذا النمط، محاولاً تصحيح اختلالات الماضي مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية، مما يؤكد استمرارية هذا التوازن الدقيق بين الواقع الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.

 

إشكالية "الإيجار القديم": تجميد العلاقة التعاقدية وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية

 

تسببت قوانين الإيجار القديم، التي سبقت عام ١٩٩٦، في تجميد العلاقة التعاقدية بشكل غير مسبوق. فكانت العقود تمتد لأجل غير مسمى، وتنتقل تلقائياً إلى الورثة، مع قيمة إيجارية رمزية وثابتة لا تتغير. هذا الوضع أدى إلى تحويل الترتيب الإيجاري المؤقت إلى شبه ملكية دائمة للمستأجر، مما قلل بشكل كبير من قيمة العقارات بالنسبة للملاك. هذا التشوه الاقتصادي، الذي تجلى في إيجارات زهيدة لا تتناسب مع القيمة السوقية، حتى أن بعض المحلات التجارية الكبيرة في مناطق حيوية كانت تدفع أقل من ١% من القيمة الإيجارية السوقية الفعلية ، أدى إلى نقص الصيانة، وامتناع الملاك عن تأجير وحداتهم، وتجميد قطاع كبير من الثروة العقارية، مما عاق الاستثمار الجديد وأحدث ركوداً في هذا الجزء من السوق.

 

حكم المحكمة الدستورية العليا: الدافع نحو التغيير التشريعي

 

كان أحد الدوافع الرئيسية لإصدار التشريع الجديد هو حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في ٩ نوفمبر ٢٠٢٥، والذي قضى بعدم دستورية المادتين ١ و٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١. هذا الحكم أكد على ضرورة إيجاد حل تشريعي يحترم المبادئ الدستورية ويعالج القضية العالقة منذ عقود. لقد عمل حكم المحكمة الدستورية العليا كحافز مباشر للعمل التشريعي، مما أجبر الحكومة والبرلمان على معالجة قضية ظلت حساسة سياسياً وتجنبتها الإدارات السابقة. هذا يوضح الدور الحيوي للسلطة القضائية في دعم المبادئ الدستورية والدفع نحو إصلاحات ضرورية، حتى لو كانت صعبة سياسياً.

 

القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥: نقلة نوعية نحو إعادة التوازن

 

صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ في ٤ أغسطس ٢٠٢٥، وتم نشره في الجريدة الرسمية ليصبح سارياً اعتباراً من ٥ أغسطس ٢٠٢٥. يُنظر إلى هذا القانون على أنه "نقلة نوعية" في تنظيم العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، ويهدف إلى تحقيق التوازن من خلال فترات انتقالية وزيادات تدريجية في القيمة الإيجارية.

 

٢. التطور التاريخي لقوانين الإيجار في مصر (١٩٢٠-١٩٩٦)

 

 

مرحلة التدخلات الحكومية المبكرة (الحربين العالميتين وما بعدهما)

 

 

القوانين الأولى لتقييد الأجور ومنع الطرد (١٩٢٠-١٩٤١)

 

بدأت التدخلات التشريعية في سوق الإيجارات مع القانون رقم ١١ لسنة ١٩٢٠، الذي قيد أجور المساكن بحد أقصى يعادل الأجرة في أول أغسطس ١٩١٤ مضافاً إليها ٥٠%، ومنع طرد المستأجرين إلا بحكم قضائي ولأسباب محددة كعدم سداد الأجرة. تبع ذلك القانون رقم ٤ لسنة ١٩٢١، الذي وسع نطاق التقييد ليشمل جميع الأماكن السكنية وغير السكنية نظراً لظروف الحرب العالمية الأولى. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، صدر القانون رقم ١٥١ لسنة ١٩٤١ لمنع الملاك من زيادة القيمة الإيجارية وامتداد العقود تلقائياً، بهدف حماية المستأجرين المصريين من الطرد لصالح الأجانب الذين كانوا يدفعون إيجارات أعلى.

 

تخفيضات القيمة الإيجارية بعد ثورة ١٩٥٢

 

بعد ثورة ١٩٥٢، تميزت الفترة بإصدار قوانين تهدف إلى تخفيض القيمة الإيجارية. فصدر القانون رقم ١٩٩ لسنة ١٩٥٢ بتخفيض ١٥% على القيمة الإيجارية للوحدات المنشأة بين يناير ١٩٤٤ وسبتمبر ١٩٥٢. ثم جاء القانون رقم ٥٥ لسنة ١٩٥٨ بتخفيض إضافي بنسبة ٢٠% على الأماكن المنشأة بين سبتمبر ١٩٥٢ ويونيو ١٩٥٨. يوضح هذا التطور التاريخي للقوانين، من عام ١٩٢٠ وحتى الخمسينيات، كيف استخدمت قوانين الإيجار كأداة مباشرة للسياسة الاجتماعية والاقتصادية، خاصة خلال وبعد فترات الأزمات الوطنية. لقد أعطت الدولة الأولوية لحماية المستأجرين وتوفير السكن بأسعار معقولة، مما عكس توجهاً اشتراكياً يهدف إلى التحكم في تكاليف المعيشة ومنع الاستغلال، حتى لو كان ذلك على حساب مبادئ السوق الحرة وحقوق الملكية للملاك. هذا التوجه مهد الطريق لنظام "الإيجار القديم" المتأصل بعمق.

 

قوانين الإيجار الاستثنائية: التأبيد والتوريث

 

 

القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ والقانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١: السمات والآثار

 

تُعد القوانين رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ ورقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ جوهر ما يُعرف بـ"قانون الإيجار القديم". فقد أرست هذه القوانين مبدأ "تأبيد العقود"، حيث أصبحت العلاقة الإيجارية ممتدة دون مدة محددة، مع إيجار رمزي وثابت، وامتداد العقد تلقائياً للورثة. هذا الوضع أدى إلى تجميد العلاقة التعاقدية لعقود طويلة، مما خلق مشكلة لا مثيل لها في سوق العقارات المصري. لقد أدى سن قوانين مثل ٤٩/١٩٧٧ و١٣٦/١٩٨١ إلى ظهور سوق إيجاري مزدوج في مصر: جزء يخضع لقوانين مقيدة للغاية تحمي المستأجر، مع إيجارات ثابتة ومنخفضة ومدد غير محددة، وجزء آخر (ما بعد ١٩٩٦) يعمل وفق مبادئ السوق الحرة. هذه الازدواجية أدت إلى عدم كفاءة كبيرة، وتشوهات في السوق، وفوارق اجتماعية، حيث أصبحت العقارات الخاضعة للعقود القديمة غير مجدية اقتصادياً للملاك.

 

مفهوم "تأبيد العقود" وتوريثها: الأسباب والنتائج

 

كانت عقود الإيجار السكنية بموجب هذه القوانين لا تحدد فترة انتهاء، بل تنتقل الشقة إلى ورثة المستأجر حتى الدرجة الثالثة. وهذا يعني أن قيمة الإيجار لم تتغير على الإطلاق، بغض النظر عن التضخم أو القيمة السوقية الحقيقية. لقد أدى مفهوم "العقود المؤبدة" وتوريثها إلى نقل جزء كبير من قيمة العقار من الملاك إلى المستأجرين، مما أدى فعلياً إلى مصادرة جزء من حقوق الملكية. هذا الوضع قلل من حوافز الملاك للصيانة والتجديد والبناء الجديد في هذا القطاع، مما ساهم في تدهور المباني ونقص الوحدات السكنية المتاحة ذات الصيانة الجيدة. وكانت النتيجة طويلة الأمد هي تجميد قاعدة الأصول العقارية التي لم تتمكن من المساهمة بفعالية في النمو الاقتصادي.

 

التحول نحو القانون المدني: القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦

 

 

إلغاء القوانين الاستثنائية للعقود الجديدة

 

مثل القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦ نقطة تحول، حيث ألغى العمل بقوانين الإيجار الاستثنائية للعقود التي أبرمت بعد تاريخ سريانه في مارس ١٩٩٦، وأخضعها لأحكام القانون المدني. وبذلك، أصبحت العقود الجديدة محكومة باتفاق الطرفين من حيث المدة والقيمة الإيجارية.

 

استمرار العمل بالقوانين القديمة على العقود المبرمة في ظلها

 

الأهم من ذلك، أن القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦ لم يمس العقود القائمة التي أبرمت في ظل قوانين الإيجار القديم، والتي ظلت خاضعة لتلك القوانين الاستثنائية. هذا الاستمرار أدى إلى تفاقم مشكلة السوق المزدوجة، مما أسفر عن نزاعات قانونية واجتماعية مستمرة. لقد كان القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦ خطوة مهمة نحو تحرير السوق، لكن عدم تطبيقه بأثر رجعي يعني أن المشكلة الأساسية لعقود "الإيجار القديم" استمرت. هذا خلق عبئاً اجتماعياً واقتصادياً طويل الأمد، حيث ظلت ملايين الوحدات خاضعة للوائح قديمة، مما أدى إلى استمرار التقاضي وشعور الملاك بالظلم. القانون الجديد رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ يستهدف بشكل مباشر هذا التحدي المستمر.

جدول ١: أبرز المحطات التشريعية في تاريخ قوانين الإيجار المصرية (١٩٢٠-٢٠٢٥)

العام/رقم القانون الحكم الرئيسي/التأثير
١٩٢٠ (قانون رقم ١١) تقييد أجور المساكن، وضع حد أقصى للأجرة، تقييد أسباب الطرد.
١٩٢١ (قانون رقم ٤) سريان التقييد على جميع الأماكن (سكنية وغير سكنية) لظروف الحرب.
١٩٤١ (قانون رقم ١٥١) منع زيادة القيمة الإيجارية، امتداد العقود تلقائياً لمنع طرد المستأجرين.
١٩٥٢ (قانون رقم ١٩٩) تخفيض ١٥% على القيمة الإيجارية لوحدات معينة.
١٩٥٨ (قانون رقم ٥٥) تخفيض ٢٠% على القيمة الإيجارية لوحدات معينة.
١٩٧٧ (قانون رقم ٤٩) استمرار تأبيد العقود وتوريثها، تحديد لجان لتقدير الأجرة.
١٩٨١ (قانون رقم ١٣٦) استمرار تأبيد العقود وتوريثها، مع بعض الأحكام الخاصة.
١٩٩٦ (قانون رقم ٤) إلغاء القوانين الاستثنائية للعقود الجديدة (بعد مارس ١٩٩٦) وإخضاعها للقانون المدني، مع استمرار القديمة.
٢٠٢٥ (قانون رقم ١٦٤) تحديد فترات انتقالية لإنهاء عقود الإيجار القديمة، زيادة تدريجية في الأجرة، وضع آليات للإخلاء الفوري، توفير سكن بديل.

 

٣. دوافع إصدار القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥: تصحيح مسار العلاقة الإيجارية

 

جاء القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ استجابة لضرورات ملحة فرضها الخلل المتراكم في العلاقة الإيجارية، ولتصحيح مسار تشريعي استمر لعقود طويلة.

 

الخلل الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن الإيجار القديم

 

 

تجميد الثروة العقارية وإهدار قيمتها السوقية

 

أدت قوانين الإيجار القديم إلى خلل كبير في سوق العقارات، حيث امتنع كثير من الملاك عن تأجير الوحدات أو صيانتها بسبب الإيجارات الرمزية التي لا تتناسب مع القيمة السوقية الحقيقية للعقارات. على سبيل المثال، كانت بعض المحال التجارية تدفع إيجارات تتراوح بين ٢٠ و٢٠٠ جنيه شهرياً، وهو ما يمثل أقل من ١% من القيمة السوقية الفعلية. هذا الوضع أدى إلى تجميد جزء كبير من الثروة العقارية في البلاد، وحرمان الملاك من الاستفادة الاقتصادية من ممتلكاتهم. إن العدد الكبير من الوحدات المغلقة وغير المستغلة، الذي يتجاوز ٥١٣ ألف وحدة خاضعة لعقود الإيجار القديم ، هو نتيجة مباشرة لعدم وجود حافز اقتصادي للملاك لصيانة أو إعادة تأجير هذه العقارات بأسعار السوق. هذا لا يمثل فقط خسارة كبيرة في المعروض السكني المحتمل، بل يعكس أيضاً عدم كفاءة اقتصادية أوسع، مما يساهم في نقص المساكن وتدهور المناطق الحضرية في بعض الأحيان، بينما يخلق في الوقت نفسه عقارات "شبحية" لا تخدم أي غرض إنتاجي.

 

تأثير الإيجارات الرمزية على الملاك وحقوق الملكية

 

عانى الملاك من إيجارات منخفضة للغاية وثابتة لم تواكب التضخم أو قيم السوق، مما أدى إلى صعوبات مالية وشعور بالظلم. هذا قوض الحق الأساسي في الملكية، حيث لم يعد العقار يمثل استثماراً مجدياً.

 

مشكلة الوحدات المغلقة وغير المستغلة

 

كانت هناك أكثر من ٥١٣ ألف وحدة سكنية مغلقة أو غير مستغلة رغم استمرار عقود الإيجار القديمة. يهدف القانون الجديد إلى معالجة هذه المشكلة من خلال السماح للملاك باستعادة هذه الوحدات.

 

العبء القضائي المتزايد والمنازعات المستمرة

 

نتج عن تعقيدات وعدم مساواة قوانين الإيجار القديم ارتفاع هائل في حجم النزاعات والدعاوى القضائية بين الملاك والمستأجرين، مما أثقل كاهل النظام القضائي.

 

الضرورة التشريعية: استجابة لحكم المحكمة الدستورية العليا

 

 

تأكيد المحكمة على ضرورة تحقيق التوازن العقدي

 

أكدت المحكمة الدستورية العليا في حكمها أن الامتداد القانوني لعقود الإيجار لغير أغراض السكنى لا يجوز المساس به تعسفاً إلا إذا توافرت مبررات جدية. وشددت المحكمة على أن المشرع لا يجوز له أن يهدر التوازن العقدي بصورة تخل بمبدأ المساواة أو الحماية الواجبة للطرف الضعيف. هذا الحكم أبرز الحاجة إلى نهج متوازن في التشريع.

 

مراعاة البعد الاجتماعي دون الإخلال بمبدأ المساواة

 

سارعت الحكومة لإعداد مشروع قانون جديد يتوافق مع الدستور ويعالج ملاحظات المحكمة الدستورية، بهدف تحقيق التوازن بين الحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية دون الإضرار بأي طرف. إن نشأة القانون الجديد هي استجابة مباشرة لتوجيه المحكمة الدستورية العليا بضرورة تحقيق التوازن. هذا يبرز التوتر الكامن في معالجة قضية "الإيجار القديم": كيف يمكن استعادة حقوق الملكية (الكفاءة الاقتصادية) دون التسبب في نزوح اجتماعي واسع النطاق (العدالة الاجتماعية)، مع الالتزام بالمبادئ الدستورية (الاستقرار القانوني). يحاول القانون التوفيق بين هذه الأبعاد من خلال الفترات الانتقالية وشبكات الأمان الاجتماعي، معترفاً بالجذور المجتمعية العميقة للمشكلة.

 

الرحلة التشريعية للقانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥

 

 

مراحل إعداد المشروع وموافقات البرلمان

 

مر القانون بالمراحل التشريعية الأربع: اقتراح الحكومة، إقرار البرلمان في جلساته العامة، تصديق رئيس الجمهورية، ثم النشر في الجريدة الرسمية. وقد وافق البرلمان على التعديلات بعد نقاشات مستفيضة.

 

تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥

 

تاريخ التصديق والنشر في الجريدة الرسمية: صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ بتاريخ ٤ أغسطس ٢٠٢٥. وقد نشر القانون في الجريدة الرسمية، العدد رقم ٣١ مكرر، في اليوم ذاته.

تاريخ بدء العمل بالقانون: أصبح القانون سارياً اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره، أي في ٥ أغسطس ٢٠٢٥.

دلالات التصديق الرئاسي على أهمية القانون: يشير التصديق الرئاسي إلى التزام الدولة القوي بحل هذه القضية الاجتماعية والاقتصادية المعقدة وطويلة الأمد، والتي تردد رؤساء سابقون في الاقتراب منها. هذا يؤكد عزم الحكومة على إصلاح القطاع العقاري واستعادة التوازن في السوق. إن الإشارة الصريحة إلى أن "أكثر من رئيس لم يفكر حتى في الاقتراب من هذه المنطقة" قبل تصديق الرئيس السيسي، تبرز الحساسية السياسية والجمود التاريخي المحيط بقانون الإيجار القديم. قرار الإدارة الحالية بالمضي قدماً في هذا التشريع، والذي توج بموافقة رئاسية، يدل على إرادة سياسية قوية لمعالجة القضايا المجتمعية المتأصلة بعمق، حتى تلك التي قد تكون لها آثار فورية غير شعبية، مما يشير إلى رؤية طويلة الأمد للإصلاح الاقتصادي.

 

٤. تحليل مفصل لأحكام القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥

 

يمثل القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ إطاراً تشريعياً شاملاً لإعادة تنظيم العلاقة الإيجارية، ويحتوي على بنود مفصلة تحدد نطاق سريانه، الفترات الانتقالية، آليات تحديد القيمة الإيجارية، وشروط الإخلاء.

 

نطاق سريان القانون

 

يسري القانون على الأماكن المؤجرة لغرض السكنى والأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى، وذلك وفقاً لأحكام القانونين رقمي ٤٩ لسنة ١٩٧٧ و١٣٦ لسنة ١٩٨١.

استثناء عقود الإيجار المبرمة بعد عام ١٩٩٦: يؤكد القانون بشكل قاطع أن تعديلاته لا تمس بأي شكل العقود المُبرمة بعد عام ١٩٩٦، والتي تخضع للقانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦، حيث تظل العلاقة التعاقدية محكومة بالمدة والقيمة المتفق عليها في العقد، وفقاً لأحكام القانون المدني. هذا التوضيح يحدد أن القانون الجديد يستهدف فقط عقود "الإيجار القديم" المتوارثة.

 

الفترات الانتقالية لإنهاء العقود

 

ينص القانون على فترات انتقالية محددة لإنهاء عقود الإيجار القديمة، مما يمثل نهجاً تدريجياً لإنهاء هذه العقود. إن إدخال فترات انتقالية متميزة (٧ سنوات للسكني و٥ سنوات لغير السكني) هو استراتيجية مدروسة للتخفيف من الصدمة الاجتماعية الفورية لإنهاء العقود. يتيح هذا النهج المرحلي للمستأجرين وقتاً للتكيف، وإيجاد بدائل سكنية، وربما الاستفادة من الخيارات التي توفرها الدولة، مما يدل على محاولة لموازنة حقوق الملكية مع المسؤولية الاجتماعية وتجنب النزوح الجماعي.

جدول ٣: الفترات الانتقالية لإنهاء عقود الإيجار القديم (القانون ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥)

نوع الوحدة الفترة الانتقالية (سنوات) تاريخ البدء
لغرض السكنى ٧ من تاريخ العمل بالقانون (٥ أغسطس ٢٠٢٥)
لغير غرض السكنى (للأشخاص الطبيعيين) ٥  
  • الوحدات السكنية: تنتهي عقود الإيجار السكني بعد سبع سنوات من تاريخ سريان القانون.

  • الوحدات غير السكنية (للأشخاص الطبيعيين): تنتهي عقود الإيجار لغير غرض السكنى (مثل المحلات التجارية والعيادات والمكاتب) بعد خمس سنوات من تاريخ سريان القانون.

  • إمكانية التراضي على الإنهاء المبكر: يسمح القانون للطرفين بالتراضي على الإنهاء المبكر للعقد قبل انتهاء المدة الانتقالية.

 

تحديد القيمة الإيجارية الجديدة

 

وضع القانون آلية جديدة لتحديد القيمة الإيجارية، تهدف إلى تصحيح الفجوة الكبيرة بين الإيجارات الرمزية والقيم السوقية.

 

تشكيل لجان الحصر والتصنيف

 

  • تشكيل لجان الحصر والتصنيف: سيشكل المحافظون لجان حصر في نطاق كل محافظة، تختص بتقسيم المناطق التي بها أماكن مؤجرة لغرض السكنى الخاضعة لأحكام هذا القانون إلى مناطق "متميزة"، "متوسطة"، و"اقتصادية" (شعبية).

  • معايير تقسيم المناطق: سيتم التصنيف بناءً على معايير دقيقة تشمل الموقع الجغرافي وطبيعة المنطقة والشارع، مستوى البناء ونوعية مواد البناء، المرافق المتصلة بالعقارات (مياه، كهرباء، غاز، تليفونات)، شبكة الطرق ووسائل المواصلات والخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية المتاحة، والقيمة الإيجارية السنوية للعقارات المماثلة الخاضعة لقانون الضريبة العقارية.

  • مدة عمل اللجان وإمكانية المد: يجب أن تنتهي هذه اللجان من أعمالها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون، ويجوز لرئيس مجلس الوزراء مد هذه المدة لمرة واحدة مماثلة. وسيتم نشر قرارات المحافظ المختص بما تنتهي إليه اللجان في الوقائع المصرية. يعتمد نجاح تحديد القيمة الإيجارية الجديدة بشكل كامل على عدالة وشفافية ودقة عمل هذه اللجان المحلية. فتصنيفها للمناطق وتقييمها لقيم العقارات سيؤثر مباشرة على العبء المالي على المستأجرين والعائد الاقتصادي للملاك. أي تحيز أو عدم دقة في التقييم قد يؤدي إلى موجات جديدة من النزاعات ويقوض هدف القانون في تحقيق قيم تتوافق مع السوق، مما يبرز نقطة اختناق محتملة في التنفيذ.

 

القيم الإيجارية الأولية (اعتبارًا من نوفمبر)

 

  • للوحدات السكنية (اعتباراً من الشهر التالي لتاريخ العمل بالقانون، أي سبتمبر ٢٠٢٥ وما بعده):

    • المناطق المتميزة: ٢٠ ضعف القيمة الإيجارية القانونية السارية، بحد أدنى ١٠٠٠ جنيه شهرياً. على سبيل المثال، إذا كان الإيجار الحالي ١٠٠ جنيه، يصبح ٢٠٠٠ جنيه. وإذا كان ٤٠ جنيهاً في منطقة متميزة، يصبح ١٠٠٠ جنيه كحد أدنى.

    • المناطق المتوسطة: ١٠ أضعاف القيمة الإيجارية السارية، بحد أدنى ٤٠٠ جنيه شهرياً. مثلاً، إذا كان الإيجار الحالي ٢٠ جنيهاً، يصبح ٤٠٠ جنيه كحد أدنى.

    • المناطق الاقتصادية (الشعبية): ٥ أضعاف القيمة الإيجارية السارية، بحد أدنى ٢٥٠ جنيهاً شهرياً. مثلاً، إذا كان الإيجار الحالي ٥ جنيهات، يصبح ٢٥٠ جنيهاً كحد أدنى.

  • للوحدات غير السكنية (للأشخاص الطبيعيين): ٥ أضعاف القيمة الإيجارية القانونية السارية.

  • الدفع المؤقت خلال الفترة الانتقالية (من سبتمبر إلى نوفمبر): يلتزم جميع المستأجرين بسداد أجرة شهرية مؤقتة قدرها ٢٥٠ جنيهاً لحين انتهاء لجان الحصر من أعمالها. إن نظام الزيادة المتدرجة (٢٠ ضعفاً، ١٠ أضعاف، ٥ أضعاف) مقترناً بالحدود الدنيا للقيمة الإيجارية مصمم لمعالجة التفاوت الهائل بين الإيجارات الاسمية التاريخية والقيم السوقية الحالية. تُعد الحدود الدنيا حاسمة لأنها تمنع الحالات التي قد تكون فيها زيادة ٢٠ ضعفاً على إيجار منخفض للغاية لا تزال ضئيلة، مما يضمن عائداً اقتصادياً أساسياً للملاك ومواءمة تدريجية مع واقع السوق. يشير الدفع المؤقت بقيمة ٢٥٠ جنيهاً إلى إدراك للتحدي الإداري الفوري في تطبيق الأسعار الجديدة.

جدول ٢: ملخص القيم الإيجارية الجديدة للوحدات السكنية بموجب القانون ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ (حسب تصنيف المنطقة)

تصنيف المنطقة عامل الزيادة (مضاعف) الحد الأدنى للإيجار الشهري (جنيه مصري) مثال (إيجار حالي ١٠٠ جنيه)
متميزة ٢٠ ضعفاً ١٠٠٠ ٢٠٠٠ (أو ١٠٠٠ إذا كان الإيجار المحسوب أقل)
متوسطة ١٠ أضعاف ٤٠٠ ١٠٠٠ (أو ٤٠٠ إذا كان الإيجار المحسوب أقل)
اقتصادية (شعبية) ٥ أضعاف ٢٥٠ ٥٠٠ (أو ٢٥٠ إذا كان الإيجار المحسوب أقل)

 

الزيادة السنوية الدورية

 

  • نسبة الزيادة: تزداد القيمة الإيجارية المحددة وفقاً للمواد ٤ و٥ من هذا القانون سنوياً بصفة دورية بنسبة ١٥%.

  • آلية احتساب الزيادة التراكمية: تُحسب هذه الزيادة البالغة ١٥% على آخر قيمة إيجارية محددة، مما يعني أنها زيادة سنوية مركبة وليست مبلغاً ثابتاً. تخدم الزيادة السنوية بنسبة ١٥% غرضين أساسيين: أولاً، استمرار التعديل التصاعدي التدريجي للإيجارات نحو أسعار السوق خلال الفترة الانتقالية، وثانياً، توفير آلية لتعديل جزئي لمواجهة التضخم. ورغم أن ١٥% قد لا تواكب معدلات التضخم المرتفعة بالكامل، إلا أنها تمثل تحولاً بعيداً عن الإيجارات المجمدة ومحاولة للحفاظ على قيمة ديناميكية للعقار بمرور الوقت.

 

حالات إنهاء العقد قبل انتهاء المدة الانتقالية (الطرد الفوري)

 

يحدد القانون شروطاً معينة يمكن للمالك بموجبها طلب الإخلاء الفوري، حتى قبل انتهاء الفترة الانتقالية.

جدول ٤: حالات الإخلاء الفوري للوحدات المؤجرة بموجب القانون ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥

الحالة الإجراء القانوني ملاحظات
ترك المستأجر الوحدة مغلقة لمدة تزيد عن سنة دون مبرر طلب أمر إخلاء فوري من قاضي الأمور الوقتية

يحق للمالك المطالبة بالتعويض إن كان له مقتض

امتلاك المستأجر لوحدة أخرى صالحة لنفس الغرض طلب أمر إخلاء فوري من قاضي الأمور الوقتية

يجب أن تكون الوحدة الأخرى لنفس الغرض (سكني لسكني، تجاري لتجاري)

حالات الطرد الأخرى المنصوص عليها في القوانين السابقة دعوى فسخ عقد إيجار أو طرد

مثل عدم سداد الأجرة أو فواتير المرافق، التأجير من الباطن، بيع أو التنازل عن العين دون علم المالك

  • ترك المستأجر الوحدة مغلقة لمدة تزيد عن سنة دون مبرر: إذا ثبت أن المستأجر أو من امتد إليه العقد ترك العين المؤجرة مغلقة لمدة تزيد على سنة دون مبرر.

  • امتلاك المستأجر لوحدة أخرى صالحة لنفس الغرض: إذا ثبت أن المستأجر أو من امتد إليه العقد يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية أخرى قابلة للاستخدام في ذات الغرض المعد من أجله المكان المؤجر. ويجب التنويه إلى أن امتلاك المستأجر لوحدة تجارية لا يمنح المالك الحق في طرد المستأجر من وحدته السكنية، والعكس صحيح.

  • إجراءات طلب الطرد الفوري من قاضي الأمور الوقتية: في هذه الحالات، يحق للمالك أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن في دائرتها العقار إصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء دون الحاجة لرفع دعوى موضوعية طويلة. تُعد هذه الأحكام المتعلقة بالإخلاء الفوري للوحدات المغلقة أو التي يمتلك مستأجروها عقارات بديلة، حاسمة لإعادة إدماج ما يقدر بأكثر من ٤٥٠ ألف وحدة عقارية معطلة في السوق. يهدف هذا الإجراء إلى زيادة المعروض من المساكن وإعادة دمج هذه العقارات في الاقتصاد المنتج. يمثل الانتقال إلى "قاضي الأمور الوقتية" تبسيطاً إجرائياً لتقليل تراكم القضايا وتوفير إغاثة أسرع للملاك، مما يعالج نقطة ضعف رئيسية في النظام القديم.

  • حالات الطرد الأخرى المنصوص عليها في القوانين السابقة: لا يخل القانون الجديد بأسباب الإخلاء الأخرى المنصوص عليها في المادة ١٨ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١، مثل عدم سداد الأجرة أو ملحقاتها (فواتير المياه أو نور السلم أو صيانة المصعد)، أو قيام المستأجر بتأجير الشقة للغير من الباطن، أو بيع أو التنازل عن الشقة للغير دون علم المالك، أو استخدام العين في أغراض منافية للآداب.

 

توريث عقود الإيجار

 

  • القيود الجديدة على امتداد العقود للورثة: بينما سمح القانون القديم بتوريث العقود لأجل غير مسمى (حتى الدرجة الثالثة) ، فإن القانون الجديد يضع قيوداً على ذلك.

  • شرط الإقامة المستقرة قبل وفاة المستأجر الأصلي: تسمح التعديلات الجديدة بالتوريث فقط في حالات الإقامة المستمرة لمدة لا تقل عن ٥ سنوات قبل وفاة المستأجر الأصلي. يهدف هذا القرار إلى إنهاء استمرار العقود مدى الحياة دون مبرر قانوني. إن القيود الجديدة على توريث العقود تستهدف بشكل مباشر جانب "تأبيد العقود" في القانون القديم. من خلال اشتراط الإقامة المستمرة لمدة محددة، يهدف القانون إلى تقليل عدد العقود الموروثة تدريجياً، وبالتالي تسريع عودة العقارات إلى أصحابها والتحرك نحو سوق تكون فيه اتفاقيات الإيجار محددة المدة ولا تنتقل عبر الأجيال. يمثل هذا تحولاً جوهرياً في طبيعة العلاقة الإيجارية.

 

القوانين الملغاة

 

بعد انتهاء الفترات الانتقالية (٧ سنوات للوحدات السكنية و٥ سنوات للوحدات غير السكنية)، سيتم إلغاء القوانين التالية: القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧، القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١، والقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧، بالإضافة إلى أي أحكام تتعارض مع القانون الجديد. هذا يعني عودة كاملة لأحكام القانون المدني لتنظيم جميع العلاقات الإيجارية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية.

 

٥. فوائد القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥: نحو سوق عقاري أكثر عدالة وفعالية

 

يسعى القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ إلى إحداث تحول إيجابي وشامل في سوق العقارات المصري، من خلال معالجة التشوهات التاريخية وتحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.

 

للملاك

 

 

استعادة حقوق الملكية وتصحيح الأوضاع الاقتصادية

 

يهدف القانون إلى استعادة حقوق الملكية للملاك، وتمكينهم من الحصول على عوائد اقتصادية عادلة على أصولهم، التي كانت مجمدة بسبب الإيجارات الاسمية. لطالما عانى الملاك من إيجارات زهيدة لا تتناسب مع قيمة عقاراتهم الفعلية أو تكاليف الصيانة والضرائب، مما أدى إلى شعور عميق بالظلم. يمثل هذا القانون فرصة لإعادة تسييل رؤوس أموالهم العقارية التي كانت معطلة. فالعقارات التي كانت تدر دخلاً لا يُذكر ستصبح الآن قادرة على توليد إيجارات أعلى تتوافق مع السوق، مما يسمح للملاك بالاستثمار في الصيانة والتجديد أو في مشاريع جديدة، وبالتالي ضخ رأس المال مرة أخرى في الاقتصاد ومعالجة مظلمة طال أمدها لأصحاب العقارات.

 

تحقيق قيمة عادلة للعقارات المؤجرة

 

ستمكن الزيادة التدريجية في القيم الإيجارية والعودة النهائية إلى حكم القانون المدني العقارات من عكس قيمتها السوقية الحقيقية. هذا التحول سيساهم في رفع قيمة الأصول العقارية للملاك ويشجع على استغلالها الأمثل.

 

تسهيل استرداد الوحدات المغلقة وغير المستغلة

 

تتيح أحكام القانون المتعلقة بالإخلاء الفوري للوحدات المغلقة أو تلك التي يمتلك مستأجروها وحدات بديلة، للملاك استعادة ممتلكاتهم بسهولة أكبر. هذا الإجراء سيزيد من المعروض من الوحدات السكنية والتجارية المتاحة في السوق.

 

لسوق العقارات

 

 

تحرير سوق الإيجارات وزيادة المعروض من الوحدات

 

من خلال إنهاء العقود القديمة تدريجياً والسماح بتحديد الأسعار بناءً على آليات السوق، من المتوقع أن يزيد القانون من المعروض من الوحدات الإيجارية، خاصة تلك العقارات التي كانت "مجمدة" تحت نظام الإيجار القديم. هذا التحرير سيجعل السوق أكثر ديناميكية ومرونة.

 

تحفيز الاستثمار في القطاع العقاري

 

بيئة الإيجار الأكثر قابلية للتنبؤ والتي تعتمد على السوق ستجذب استثمارات جديدة في القطاع العقاري، سواء من المستثمرين المحليين أو الأجانب، الذين كانوا يفضلون سابقاً العقود الجديدة بسبب مرونتها. هذا التحفيز يمكن أن يؤدي إلى زيادة في أنشطة البناء والتطوير. إن التحول نحو الإيجارات القائمة على السوق والعقود محددة المدة من المتوقع أن يؤدي إلى تطبيع سوق العقارات المصري. هذا التطبيع سيؤدي على الأرجح إلى زيادة المعروض من الوحدات الإيجارية ، والأهم من ذلك، سيحفز استثمارات جديدة في البناء والتطوير العقاري، حيث سيدرك المستثمرون عائداً أوضح وأكثر ربحية على استثماراتهم، متجاوزين الحوافز السلبية التي تسببت فيها القوانين القديمة.

 

تعزيز الشفافية والجاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب

 

الإطار القانوني الواضح والابتعاد عن ضوابط الإيجار التعسفية سيعزز الشفافية ويجعل سوق العقارات المصري أكثر جاذبية للاستثمار طويل الأجل.

 

للاقتصاد والمجتمع

 

 

تقليل المنازعات القضائية المتعلقة بالإيجار القديم

 

من خلال توفير إطار قانوني واضح وتواريخ انتهاء محددة للعقود، يهدف القانون إلى تقليل حجم الدعاوى القضائية المتعلقة بالإيجار بشكل كبير، مما يخفف العبء على النظام القضائي.

 

إعادة التوازن للعلاقة بين المؤجر والمستأجر

 

صُمم القانون لإعادة التوازن إلى العلاقة بين الطرفين، ومعالجة التحيز التاريخي للمستأجرين مع توفير آليات لحمايتهم.

 

معالجة أزمة اجتماعية ممتدة

 

يسعى التشريع إلى حل مشكلة اجتماعية عميقة الجذور تسببت في الاحتكاك والظلم لعقود. بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، يهدف القانون إلى تحقيق قدر أكبر من اليقين القانوني والاستقرار الاجتماعي. من خلال توفير خارطة طريق واضحة لإنهاء العقود القديمة وتحديد معايير إيجارية جديدة، يسعى القانون إلى تقليل التقاضي المزمن الذي ابتليت به العلاقات بين الملاك والمستأجرين. وهذا بدوره يمكن أن يعزز بيئة أكثر قابلية للتنبؤ لكلا الطرفين، مما قد يقلل من التوترات الاجتماعية على المدى الطويل، شريطة أن تكون شبكة الأمان الاجتماعي فعالة.

 

٦. أضرار وتحديات القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥: مخاوف دستورية واجتماعية

 

على الرغم من الأهداف المعلنة للقانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ بتحقيق التوازن وإصلاح سوق العقارات، إلا أنه يواجه انتقادات ومخاوف كبيرة تتعلق بشبهات دستورية وآثار اجتماعية محتملة على المستأجرين.

 

الشبهات الدستورية المحيطة بالقانون

 

 

مخالفة مبدأ الأمن القانوني واستقرار المراكز القانونية

 

يرى بعض النقاد أن عقود الإيجار القديمة نشأت في ظل قوانين سارية، وأن التعديل بأثر رجعي لهذه العقود يقوض مبدأ اليقين القانوني واستقرار المراكز القانونية. فالعقود المبرمة كانت ملزمة للطرفين وقت توقيعها، والمساس بها قد يثير تساؤلات حول مدى احترام مبدأ عدم رجعية القوانين.

 

تجاهل بعض أحكام المحكمة الدستورية العليا السابقة

 

أثيرت مخاوف من أن القانون قد لا يلتزم بشكل كامل بأحكام سابقة للمحكمة الدستورية العليا، التي أكدت على ضرورة احترام التوازن العقدي وحماية الطرف الأضعف. هذه الأحكام كانت تهدف إلى منع المشرع من إهدار هذا التوازن بصورة تخل بالمساواة.

 

الإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص

 

يُنتقد القانون لمعاملته المستأجرين بطرق مختلفة دون مبرر موضوعي كافٍ، حيث يفرق في المعاملة بين الأماكن السكنية وغير السكنية، وبين المستأجرين القدامى والجدد، مما قد يخل بمبدأ المساواة أمام القانون.

 

التعارض مع الحق الدستوري في السكن الملائم

 

تنص المادة ٧٨ من الدستور المصري على أن "تكفل الدولة للمواطنين الحق في السكن الملائم الآمن والصحي". يخشى النقاد أن يؤدي القانون الجديد إلى إخلاء قسري لعدد كبير من الأسر دون توفير بدائل حقيقية ومناسبة، مما قد يتعارض مع هذا النص الدستوري. تبرز التحديات الدستورية صراعاً جوهرياً بين حقوق الملكية (للملاك) والحق في السكن اللائق (للمستأجرين). بينما يهدف القانون إلى تصحيح الاختلالات التاريخية في حقوق الملكية، يرى النقاد أنه قد ينتهك المراكز القانونية الثابتة للمستأجرين وحقهم الدستوري في السكن، خاصة إذا كانت أحكام السكن البديل غير كافية. هذا التوتر يقع في صميم النقاش القانوني والاجتماعي المحيط بالقانون.

 

الآثار الاجتماعية على المستأجرين

 

 

مخاوف من الإخلاء القسري وتشريد الأسر محدودة ومتوسطة الدخل

 

يُعد القلق الأكبر هو احتمال حدوث عمليات إخلاء جماعية، خاصة للأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط التي أقامت في هذه الوحدات لعقود طويلة بإيجارات ميسرة. هذه الأسر قد تجد نفسها فجأة أمام واقع جديد يصعب عليها التكيف معه.

 

صعوبة تحمل القيم الإيجارية الجديدة المرتفعة

 

الزيادة الحادة في الإيجارات (التي تصل إلى ٢٠ ضعف القيمة الحالية، مع حدود دنيا كبيرة) ستشكل عبئاً مالياً كبيراً على العديد من المستأجرين، خاصة ذوي الدخول الثابتة أو المحدودة. هذا قد يدفعهم إلى البحث عن سكن في مناطق أقل تكلفة أو غير مناسبة.

 

تأثير على الاستقرار الاجتماعي وتفكك المجتمعات المحلية

 

لقد شكل المقيمون لفترات طويلة روابط مجتمعية قوية ونسقوا حياتهم حول مواقعهم الحالية، بما في ذلك سهولة الوصول إلى أماكن العمل والخدمات. قد يؤدي النزوح القسري إلى تفكك هذه الهياكل الاجتماعية، مما يسبب اضطراباً اجتماعياً.

 

مخاطر التوسع في الإسكان غير الرسمي

 

إذا لم تتوفر بدائل سكنية ميسرة ومناسبة بسهولة، هناك خطر أن يلجأ المستأجرون الذين تم إخلاؤهم إلى الإسكان غير الرسمي، مما يزيد من تحديات التخطيط العمراني القائمة.

 

تأثير خاص على الفئات الضعيفة (كبار السن، أصحاب المعاشات)

 

تُعد الفئات الضعيفة، مثل كبار السن أو أصحاب المعاشات، معرضة بشكل خاص لعدم القدرة على تحمل المتطلبات المالية الجديدة أو ضغوط الانتقال. إن تنفيذ القانون، رغم كونه منطقياً من الناحية الاقتصادية، ينطوي على مخاطر اجتماعية كبيرة. فالزيادة المفاجئة في الإيجارات والإخلاء اللاحق، حتى مع وجود فترات انتقالية، قد يؤدي إلى ضائقة مالية واسعة النطاق ونزوح شريحة كبيرة من السكان، خاصة أولئك الذين اعتادوا على إيجارات منخفضة للغاية على مدى عقود. هذا يسلط الضوء على "التكلفة البشرية" لتصحيح التشوهات الاقتصادية طويلة الأمد، والتحدي المتمثل في الموازنة بين الأهداف الاقتصادية الكلية والآثار الاجتماعية على المستوى الجزئي.

 

تحديات التطبيق

 

  • ١. دقة تقييم القيمة السوقية للعقارات من قبل اللجان: سيشكل ضمان دقة وعدالة تصنيف المناطق وتقييم العقارات من قبل اللجان المحلية تحدياً كبيراً. يتطلب ذلك الاستعانة بخبراء تقييم عقاري معتمدين ووضع معايير موحدة لضمان الشفافية والعدالة.

  • ٢. ضمان عدالة وشفافية عمل لجان الحصر والتصنيف: يجب أن تكون عملية التصنيف شفافة ونزيهة لتجنب نزاعات جديدة والحفاظ على ثقة الجمهور.

  • ٣. كفاية وفعالية برنامج الإسكان البديل: يعتمد نجاح شبكة الأمان الاجتماعي بشكل كبير على قدرة الدولة على توفير عدد كافٍ من الوحدات السكنية البديلة المناسبة، سواء للإيجار أو التمليك، وإدارة عملية التقديم والتخصيص بكفاءة وعدالة.

 

٧. البعد الاجتماعي: برنامج الإسكان البديل للمستأجرين (المادة ٨)

 

إدراكاً للآثار الاجتماعية المحتملة للقانون، تضمنت المادة ٨ منه بنداً حيوياً يهدف إلى توفير شبكة أمان للمستأجرين المتضررين.

 

أحقية المستأجرين في تخصيص وحدات بديلة من الدولة (إيجارًا أو تمليكًا)

 

تمنح المادة ٨ من القانون المستأجرين (أو من امتد إليهم عقد الإيجار) الحق في التقدم بطلب للحصول على وحدات سكنية أو غير سكنية بديلة من الوحدات المتاحة لدى الدولة، سواء بنظام الإيجار أو التمليك، وذلك قبل انقضاء المدة المحددة لانتهاء العقود في المادة ٢ من القانون.

 

شروط وإجراءات تقديم الطلبات وترتيب الأولويات

 

  • إصدار قرار مجلس الوزراء: سيصدر مجلس الوزراء، بناءً على عرض الوزير المختص بشؤون الإسكان، قراراً خلال شهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، يحدد القواعد والشروط والإجراءات اللازمة لتلقي الطلبات والبت فيها، وترتيب أولويات التخصيص، وجهات الدولة المنوط بها تخصيص الوحدات المتاحة.

  • أولوية الفئات الأكثر احتياجاً: سيتم إعطاء الأولوية للفئات الأكثر احتياجاً.

  • إقرار إخلاء العين المستأجرة: يجب على المتقدمين تقديم طلب مرفق بإقرار بإخلاء وتسليم العين المستأجرة فور صدور قرار التخصيص واستلام الوحدة البديلة.

  • أولوية للمستأجر الأصلي وزوجه: يلتزم القانون بتخصيص الوحدات السكنية للمستأجر الأصلي للوحدة السكنية الذي تحرر له عقد إيجار من المالك ابتداءً، وكذلك لزوجه الذي امتد إليه العقد قبل العمل بأحكام هذا القانون، وذلك قبل عام كحد أقصى من انقضاء المدة المحددة بالمادة ٢ من القانون.

 

دور الدولة في توفير شبكة أمان اجتماعي

 

يُعد هذا البند من أبرز ضمانات الحماية الاجتماعية التي يتضمنها القانون. ويهدف إلى ضمان عدم تضرر محدودي الدخل أو كبار السن من تطبيق أحكام إنهاء العقود، خاصة مع فتح الدولة باب التقدم لوحدات بديلة بشروط ميسرة وعادلة.

 

التحديات المحتملة في تنفيذ هذا البرنامج

 

  • العدد الهائل للمتضررين: يمثل العدد الكبير من المستأجرين المتأثرين (أكثر من ٣ ملايين وحدة خاضعة لقوانين الإيجار القديم ) تحدياً لوجستياً ومالياً كبيراً للدولة لتوفير بدائل كافية.

  • ملاءمة الوحدات المخصصة: سيكون من الأهمية بمكان التأكد من أن الوحدات المخصصة مناسبة من حيث الموقع والحجم والقدرة على تحمل التكاليف لضمان نجاح البرنامج ومنع الاضطرابات الاجتماعية. إن إدراج المادة ٨ يمثل محاولة حاسمة من جانب الدولة للتخفيف من التداعيات الاجتماعية للقانون. إنه يمثل التزاماً بالمسؤولية الاجتماعية، ويهدف إلى توفير شبكة أمان للمستأجرين الضعفاء. ومع ذلك، فإن نجاح هذا البند يتوقف على قدرة الدولة على توفير عدد هائل من الوحدات السكنية المناسبة وإدارة عملية تخصيص معقدة، وهو ما سيكون الاختبار النهائي للمقبولية الاجتماعية للقانون وفعاليته في منع المعاناة واسعة النطاق ونمو الإسكان غير الرسمي.

 

٨. تأثير القانون على سوق العقارات المصري والمستقبل

 

يمثل القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ نقطة تحول حاسمة في تنظيم سوق الإيجارات في مصر، ومن المتوقع أن يكون له تأثيرات بعيدة المدى على القطاع العقاري والاقتصاد ككل.

 

توقعات بزيادة المعروض من الوحدات السكنية والتجارية

 

من المتوقع أن يؤدي القانون تدريجياً إلى تحرير عدد كبير من الوحدات العقارية، مما سيزيد من المعروض الإجمالي في أسواق الإيجار والبيع. هذا التحرير سيشمل الوحدات السكنية والتجارية التي كانت محبوسة تحت نظام الإيجار القديم، مما يساهم في تلبية جزء من الطلب المتزايد على العقارات.

 

تأثير على أسعار الإيجارات والبيع في السوق الحر

 

بينما ستشهد وحدات الإيجار القديم زيادات حادة في قيمتها الإيجارية، فإن الزيادة الكلية في المعروض قد تساعد، على المدى الطويل، في استقرار أو حتى خفض طفيف لأسعار الإيجارات في السوق الحرة، مع توفر المزيد من الخيارات. أما قيم العقارات التي كانت "مجمدة" فمن المتوقع أن ترتفع بشكل ملحوظ لتعكس قيمتها السوقية الحقيقية.

 

آفاق الاستثمار العقاري بعد تحرير العلاقة الإيجارية

 

من المتوقع أن يجعل القانون الجديد سوق العقارات أكثر جاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، حيث يقلل من أوجه عدم اليقين القانونية ويسمح بعوائد مدفوعة بالسوق. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في أنشطة البناء والتطوير، مما يدعم النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة في القطاع.

 

التوجه المستقبلي: العودة الكاملة لأحكام القانون المدني

 

الهدف النهائي للقانون هو أن تعود جميع العلاقات الإيجارية إلى أحكام القانون المدني بعد انتهاء الفترات الانتقالية. وهذا يضمن أن تحكم مبادئ الحرية التعاقدية وآليات السوق هذا القطاع، مما يعزز بيئة استثمارية أكثر صحة واستدامة. يمثل القانون تحركاً حاسماً نحو التحرير الكامل لسوق العقارات. ورغم أن هذا يعد بفوائد اقتصادية مثل زيادة الاستثمار والمعروض، إلا أنه ينطوي أيضاً على مخاطر تعديلات كبيرة في السوق، بما في ذلك الارتفاعات الأولية المحتملة في أسعار الإيجارات في قطاعات معينة مع دمج المعروض تدريجياً. يظل التأثير طويل الأجل على القدرة على تحمل تكاليف السكن للمستأجرين الجدد، وخاصة أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى شبكة الأمان الاجتماعي، عاملاً حاسماً. وتسلط توصيات أصحاب المصلحة الضوء على النقاشات المستمرة حول وتيرة وعدالة هذا الانتقال.

 

توصيات لضمان انتقال سلس وعادل

 

قدمت جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجار القديم وخبراء آخرون توصيات لضمان تطبيق أكثر عدالة وفعالية للقانون :

  • تقليص الفترة الانتقالية: تقليص الفترة الانتقالية المقترحة من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات كحد أقصى، لتعجيل إنهاء هذا الوضع الاستثنائي.

  • إعادة النظر في القيم الإيجارية الابتدائية: إعادة النظر في القيم الإيجارية الأولية المقترحة لجميع الوحدات (السكنية وغير السكنية) لتقترب بشكل أكبر من القيم السوقية السائدة، بدلاً من الاكتفاء بمضاعفات الإيجارات الرمزية.

  • توحيد المعاملة القانونية: توحيد المعاملة القانونية لعقود الإيجار الخاصة بالأشخاص الطبيعيين لغير الغرض السكني، لتلحق بنظيرتها الخاصة بالأشخاص الاعتباريين، بحيث تنتهي جميع هذه العقود بحلول عام ٢٠٢٧.

  • تفعيل المادة الثامنة فورياً: التأكيد على تفعيل المادة الثامنة من مشروع القانون (الخاصة بالإسكان البديل) بشكل فوري، اعتباراً من اليوم التالي لصدور القانون ونشره في الجريدة الرسمية.

 

٩. الخلاصة

 

يمثل القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في مصر لحظة محورية في التاريخ التشريعي للبلاد. جاء هذا القانون ليصحح عقوداً من التشوهات الاقتصادية والاجتماعية التي فرضها نظام "الإيجار القديم"، وليعيد التوازن إلى سوق العقارات. بتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه ودخوله حيز التنفيذ في ٥ أغسطس ٢٠٢٥، يعكس القانون إرادة سياسية قوية لمعالجة قضية معقدة طال أمدها.

يتضمن القانون أحكاماً رئيسية تحدد فترات انتقالية لإنهاء العقود (سبع سنوات للوحدات السكنية وخمس سنوات لغير السكنية)، وآليات لزيادة تدريجية في القيمة الإيجارية (تصل إلى ٢٠ ضعفاً للسكني و٥ أضعاف لغير السكني، مع فرض حدود دنيا وزيادة سنوية مركبة بنسبة ١٥%). كما يوفر القانون آليات للإخلاء الفوري في حالات محددة، مثل ترك الوحدة مغلقة أو امتلاك المستأجر لوحدة أخرى مناسبة، بهدف إعادة دمج الوحدات المعطلة في السوق.

على الصعيد الاجتماعي، حاول القانون التخفيف من آثاره المحتملة على المستأجرين من خلال المادة ٨، التي تمنحهم الحق في طلب وحدات بديلة من الدولة بنظام الإيجار أو التمليك، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر احتياجاً. هذا البند يعكس محاولة الدولة لتقديم شبكة أمان اجتماعي وضمان انتقال سلس قدر الإمكان.

ومع ذلك، لا يخلو القانون من تحديات ومخاوف. فقد أثيرت شبهات دستورية تتعلق بمبدأ الأمن القانوني والمساواة والحق في السكن الملائم. كما توجد مخاوف اجتماعية كبيرة بشأن قدرة الأسر محدودة ومتوسطة الدخل على تحمل القيم الإيجارية الجديدة، واحتمال حدوث إخلاء قسري وتفكك مجتمعات محلية، بالإضافة إلى التحدي اللوجستي المتمثل في توفير الدولة لعدد كافٍ من الوحدات البديلة المناسبة.

في الختام، يُعد القانون رقم ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ خطوة حاسمة نحو تحرير سوق العقارات المصري وجعله أكثر عدالة وفعالية. يهدف إلى الانتقال بالعلاقة الإيجارية إلى مبادئ الحرية التعاقدية وآليات السوق الحرة. ومع ذلك، فإن نجاحه على المدى الطويل سيعتمد بشكل كبير على التنفيذ الفعال والعادل لبنوده، وخاصة تلك المتعلقة بالدعم الاجتماعي وتقييم القيم الإيجارية، لضمان تحقيق التوازن المنشود بين حقوق الملكية والعدالة الاجتماعية دون إحداث اضطرابات مجتمعية واسعة.

 

 

استمتعت بهذه المقالة؟ كن على اطلاع من خلال الانضمام إلى نشرتنا الإخبارية!

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لنشر تعليق.

مقالات ذات صلة
معلومات المدون

اسمى يوسف عبد الفتاح صاحب ومؤسس شركة مختارات وهى منصة اجتماعية لنشر المقالات والتجارب والخبرات اليومية فى مختلف المجالات بالاضافة الى امكانية الاستفادة المادية من مشاهدات المقال الخاص بك فشارك وعبر واكتب وسنكون بانتظارك لنقدر عملك